مواضيع متنوعة > الظن الحسن والعمل الحسن
الظن الحسن والعمل الحسن

حسن الظن بالله يعني أن يعمل العبد عملاً صالحاً ثم يرجو قبوله من الله تعالى ، وأن يتوب العبد إلى الله تعالى من ذنب عمله ثم يرجو قبول الله تعالى لتوبته ، حسن الظن بالله هو ذاك الظن الجميل الذي يأتي بعد الفعل الجميل

بسم الله الرحمن الرحيم
يقول النبي عليه الصلاة والسلام : {لا يموتن أحدكم إلا وهو يحسن الظن بالله تعالى.} {لا يموتن أحدكم إلا وهو يحسن الظن بالله تعالى.}
حسن الظن بالله يعني أن يعمل العبد عملاً صالحاً ثم يرجو قبوله من الله تعالى ، وأن يتوب العبد إلى الله تعالى من ذنب عمله ثم يرجو قبول الله تعالى لتوبته ، حسن الظن بالله هو ذاك الظن الجميل الذي يأتي بعد الفعل الجميل ، فإن كان الظن دون عمل فإنه تمنّ وإنه لا ينفع العبد عند الله تعالى ، فقد قال تعالى في أولئك الذين يتمنّون ولا يعملون :{ليس بأمانيكم ولا أمانيّ أهل الكتاب من يعمل سوءاً يجز به ولا يجد له من دون الله ولياً ولا نصيراً} وقال فيه النبي عليه الصلاة والسلام فيما روي في حديث في سنده ضعف : {ليس الإيمان بالتمني ولا بالتحلي ولكن الإيمان ما وقر في القلب وصدقه العمل} إذاً إن جاء العمل الحسن وجاء بعده الظن الحسن فهذا هو الظن الذي ينفع صاحبه.
ينبغي أن يكون العبد وسطاً في خوفه ، ووسطاً في رجائه ، فلا ينبغي أن يبالغ في الخوف إلى درجة القنوط واليأس من رحمة الله فيعد من الكافرين ، فقد قال تعالى :{ فإنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون} ولا ينبغي أن يبالغ في الرجاء فيبلغ به الرجاء حد الأمن من مكر الله فيكون من الخاسرين ، فقد قال سبحانه :{ أفأمنوا مكر الله فلا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون} بل ينبغي أن يكون وسطاً في خوفه ، وسطاً في رجائه ، وأن يوفق بينهما ، وأن يغلب عليه الخوف مما فعل من السيئات ورجاء رحمة الله تعالى ، والجمع بين الخوف والرجاء نراه في تلك العبارات اللطيفة التي قالها ابن عطاء الله الإسكندري ـ رحمة الله عليه ـ في حكمه ، قال :{ إلهي إني أخافك من قِبَلي لا من قِبَلك وأرجوك من قبلك لا من قبلي} اللهم إنّا نخافك من قبلنا لا من قبلك ونرجوك من قبلك لا من قبلنا ، أي إننا نخافك من قبل أعمالنا ومفاسدنا وسيئاتنا ، ونرجوك من قبل عفوك ومغفرتك ورحمتك . فإذا أذنبت ذنباً ثم تبت إلى الله تعالى فينبغي أن تحسن الظن به ، وأن ترجو أن الله تعالى يقبل توبتك ويغفر ذنبك ويقيل عثرتك ، وأن ترجو منه أن يزيدك من الحسنات ويكفر عنك السيئات ، وذلك أنه سبحانه لا يرد سائلاً ولا يخيب تائباً ، بل هو سبحانه يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل حتى تطلع الشمس من مغربها ، فلا ينبغي أن نيأس من روح الله . لقي عيسى ابن مريم عليه السلام ابن خالته يحيى بن زكريا عليهما السلام ـ فيما يحكى ـ وكان عيسى ابن مريم مبتسماً وكان يحيى عابساً ، فقال يحيى لعيسى :{ ما بالك باسماً وكأنك آمن من مكر الله }{ما بالك باسماً وكأنك آمن من مكر الله } فقال له عيسى : {وأنت ما بالك عابساً وكأنك آيس من روح الله } قال ننتظر حكم الله فينا ، فأنزل الله تعالى الحكم ، فقال لهما : إن أحبكما إلي أحسنكما ظناً بي . إن أحبكما إلي أحسنكما ظناً بي : أي الذي كان يرجو رحمة الله ومغفرته دون أن يحمله ذلك على التمادي في الخطأ ، ودون أن يحمله ذلك على الأمن من مكر الله ، ودون أن يحمله ذلك على ترك التقرب إلى الله بالعمل الصالح ، حسن الطن ينفع صاحبه بعد حسن العمل ، فقد قال سبحانه في الحديث القدسي :{ أنا عند ظن عبدي بي وأنا معه إذا ذكرني } أنا عند ظن عبدي بي فإذا ظننت أنه يرحمك وأخذت بأسباب الرحمة فسوف يرحمك ، وأما إن يئست من رحمته وقصرت في طلب أسبابها فإنه لن يعطيك هذه الرحمة لأنك حكمت على نفسك والله تعالى سيحكم عليك بما حكمت أنت على نفسك .
أنا عند ظن عبدي بي: توفي الزهري عليه رضوان الله ، وهو عالم من أجلاء العلماء فرُئِيَ في المنام ، قال له الذي رآه : يا زهري ما فعل الله بك ؟ ـ والزهري شهاب بن مسلم رجل من المحدثين الأجلاء والفقهاء والصالحين الورعين ـ سأله هذا الرجل في المنام : يا زهري ما فعل الله بك ؟ قال : وقفت بين يدي الله تعالى فقال لي : يا شيخ السوء فعلت كذا وكذا وجعل يقررني بذنوبي ـ ولا يخلو إنسان من ذنوب أيها الإخوة خلا الأنبياء والمرسلين ـ قال : يا شيخ السوء فعلت وفعلت وجعل يقررني بذنوبي ، فقلت له : يا رب ما هكذا أخبرت عنك ، فقال لي : وما أخبرت عني ؟ فقلت يا رب : حدثنا سالم قال حدثنا عبد الله بن عمر قال حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أخبرني جبريل عنك أنك قلت أنا عند ظن عبدي بي. وكنت أظن بك أنك لا تؤاخذني ولا تسألني وتدخلني الجنة بغير حساب ، قال : فلما قلت ذلك لله تعالى طوى الحساب وأمر بي فدخلت الجنة بغير حساب .
إذاً فالله تعالى لا يخيب الظانّ الحسن به ما دام آخذاً بأسباب الظن الحسن وما دام يعمل في سبيل رحمة الله تعالى ، فلا يموتن أحدكم إلا وهو يحسن الظن بالله تعالى ، وليشفع الظن الحسن بالعمل الحسن ليكون جزاؤه عند الله الجزاء الحسن ، نسأل الله أن يجعلنا من أهل ذلك ، والحمد لله رب العالمين .
*******

الملفات الصوتية
الملف الأول 393.33 KB
أرسل هذه الصفحة إلى صديق
اسمك
بريدك الإلكتروني
بريد صديقك
رسالة مختصرة


المواضيع المختارة
مختارات

[حسن الظن بالله]

حسن الظن بالله يعني أن يعمل العبد عملاً صالحاً ثم يرجو قبوله من الله تعالى ، وأن يتوب العبد إلى الله تعالى من ذنب عمله ثم يرجو قبول الله تعالى لتوبته ، حسن الظن بالله هو ذاك الظن الجميل الذي يأتي بعد الفعل الجميل.
يقول النبي عليه الصلاة والسلام : {لا يموتن أحدكم إلا وهو يحسن الظن بالله تعالى.}
قال سبحانه في الحديث القدسي :{ أنا عند ظن عبدي بي وأنا معه إذا ذكرني } أنا عند ظن عبدي بي فإذا ظننت أنه يرحمك وأخذت بأسباب الرحمة فسوف يرحمك ، وأما إن يئست من رحمته وقصرت في طلب أسبابها فإنه لن يعطيك هذه الرحمة لأنك حكمت على نفسك والله تعالى سيحكم عليك بما حكمت أنت على نفسك .