الخطب > شبهات طرحوها حول سيدنا محمد
شبهات طرحوها حول سيدنا محمد

ولعلّ المسلم بمجرّد ما يستمع شيئاً من ذلك يَقُفُّ له شعر رأسه، وينزعج ويكتئب… لأنّ النّبيّ المصطفى صلوات الله وسلامه عليه ذو قداسة، ولأنّه من شعائر الله ولا بدّ من تعظيم شعائر الله { وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ * } فكيف يليق بقداسة محمّدٍ عليه الصّلاة والسّلام وشرفه ورفعته أن تتكلّم عنه الألسنة المنحطّة بمثل هذا الكلام!!..

خطبة الجمعة: الرّدّ على شبهات حول سيّدنا محمّد صلّى الله عليه وسلّم
في/ 25/ جمادى الأولى / 1421هـ - 25 / 8 / 2000م.
بسم الله الرّحمن الرّحيم
الحمد لله، الحمد لله ثمّ الحمد لله، الحمد لله نحمده، نستعين به نستهديه نسترشده، نتوب إليه نتوكّل عليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وفاسد آمالنا، ونستغفره من سيّئات أقوالنا وأعمالنا، {مَن يَهْدِ اللهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَن يُضْلِلْ فَلَن تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِدًا*} ، و أشهد أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له، مُعزّ المؤمنين وناصرهم، ومخزِ الملحدين وقاهرهم { خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً } ، وأشهد أنّ سيّدنا وحبيبنا وقائدنا وقدوتنا محمّداً عبده ورسوله، وصفيّه وخليله، خير نبيٍّ اجتباه، وهدىً ورحمةً للعالمين أرسله
بلغ العُـلا بكمالـه كشف الدّجى بجمالـه
حسُنت جميع خصاله صلّـوا عليـه وآلـه
اللّهمّ صلِّ على سيّدنا محمّدٍ وآله وصحبه، وارضَ عن خلفائه الأربعة الميامين، سادتنا أبي بكرٍ وعمر وعثمان وعليّ، وعن سبطيه الأكرمين أبي محمّدٍ الحسن وأبي عبد الله الحُسين، وعن أمّهما فاطمة الزّهرا، وجدّتهما خديجة الكبرى، وعن عائشة أمّ المؤمنين، وعن جميع الآل والصّحابة، والأهل والأزواج والقرابة، والتّابعين، وتابعيهم بإحسانٍ إلى يوم الدّين، وعنّا معهم برحمتك يا أرحم الرّاحمين.
{ وَأَنذِرْهُمْ يَوْمَ الآزِفَةِ إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَنَاجِرِ كَاظِمِينَ مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلا شَفِيعٍ يُطَاعُ * يَعْلَمُ خَائِنَةَ الأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ * } .
أمّا بعد:
أيّها الإخوة المؤمنون:
شبهاتٌ باتت ألسنة الجاحدين تلوكها، وملّ المسلمون المخلصون سماعها من كثرة ما أعيدت وكُرِّرت، شبهاتٌ يحاولون بها أن يطفئوا نور الشّمس الوقّادة بنفخهم ونفثهم، وحاشى لنور الشّمس أن يطفئه النّافخون: { يُرِيدُونَ أَن يُطْفِؤُواْ نُورَ اللّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللّهُ إِلاَّ أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ * }
وكلّ ما قد طرحوا اليوم من شبهاتٍ إنّما سلكوا فيه سلك سابقيهم وأئمّتهم، فإذا تكلّم المتأخّرون في التّشكيك عن القرآن الكريم…! فإنّ المتقدّمين كذلك فعلوا، وإذا انتقصوا من قدر الإسلام وقيمته وزعموا أنّه دينٌ لا يوافق العصر…! وزعموا أنّه لا يتوافق مع العلم والحضارة!! فإنّ سابقيهم كذلك قالوا… وإذا تكلّموا عن الله جلّ وعلا بالانتقاص وبالجدل العقليّ العقيم…!!! فإنّ سابقين لهم كذلك فعلوا، غير أنّ الأساليب الّتي يتّبعها المحدثون نضجت أكثر من ذي قبل، وصارت تمتلك من الحجج ما تستطيع به أن تشوّه الحقائق في أذهان الشّباب، وما تستطيع به أن تدخل إلى أغوار العقيدة فتفسدها، وأن تدخل إلى أسس الإيمان فتقوّضها… ولا يقوى على ذلك إلا صاحب علمٍ وإيمان…
فلا بدّ من الإيمان لدفع الشّكوك الّتي لا تثبت أمام الإيمان الثّابت والعقيدة الرّاسخة، ثمّ لا بدّ من العلم حتّى يكون الثّبات أمام هذه الشّكوك راسخاً متأكّداً.
إنّ الإيمان بغير علمٍ إذاً لا يجدي ولا يثبت؛ فالله جلّ وعلا قال سبحانه: { يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ } مبيّناً أنّ الّذين آمنوا لا يكونون مؤمنين حقّ الإيمان إلا إذا كانوا من الّذين أوتوا العلم.
وإذا كنّا قد طرحنا شبهاتٍ كثيرةً تعرّض لها شبابنا المغترب ( ومن باب أولى تعرّض لها شبابنا المستغرب ) فإنّ الشّبهات ما انتهت بعد، بل إنّهم يخترعون الكثيرَ الكثير، وكلّما بقي في العالم مستشرقون مغرضون، وبقي فيه صهاينةٌ ملحدون فإنّنا سنسمع المزيدَ المزيد من هذه الشّبهات…
رددنا عليهم عندما تكلّموا عن الله، ورددنا عليهم عندما تكلّموا عن دين الله، ورددنا عليهم عندما تكلّموا عن كتاب الله، فبيّنا أنّ الله تعالى حقّ وأنّ العقل يثبت وجوده قبل النّقل، ثمّ بيّنا أنّ الإسلام – الّذي هو دين الله – دينٌ موافقٌ للتّطوّر العصريّ وموافقٌ للحضارة المتجدّدة، ثمّ بيّنّا أنّ القرآن لا يمكن إلا أن يكون كتاب الله وكتاب الله وحده…
فإذا ذهبت حججهم وانهارت عندما تكلّموا عن الله، وعن دين الله، وعن كتاب الله… فإنّهم قد تكلّموا كَثيراً كثيراً عن رسول الله – صلوات الله وسلامه عليه – وطرحوا حوله شبهاتٍ مخجلةً يتبيّن لكلّ ذي عقلٍ وتدقيق بطلانها لأنّها لا تثبت أمام التّمحيص الأوّلي… ومع ذلك فإنّنا محتاجون لأن نبيّن بطلانها حتّى يكون شبابنا على بيّنةٍ عندما يسمعون أشباه ذلك.
لقد شكّكوا في ظاهرة الوحي من أساسها، وفي نبوّة النّبيّ ورسالته، ولقد كنّا أثبتنا أنّ القرآن كتاب الله وكلامه، فإذا كان القرآن كتاب الله وكلامه فلا يكون محمّدٌ إلا رسولاً، ولا يكون هذا الّذي يقوله محمّدٌ إلا وحي الله تعالى…
لقد تكلّموا عن شخص النّبيّ المصطفى صلوات الله وسلامه عليه، وكانوا في كلامهم شرّاً من أبي جهلٍ وأبي لهبٍ، وشرّاً من حييّ بن أخطب وكعب بن الأشرف…! لأنّ ما تكلّموا فيه لم يتكلّم فيه أولئك… لأنّ أولئك كانوا يعايشون النّبيّ المصطفى صلوات الله وسلامه عليه، ويعجزون عن أن ينسبوا إليه تُهماً لم يرها أحدٌ عليه، ولم يره أحدٌ بها وعليها، ولكنّ المتأخرين لم يستحيوا من ذلك!!
لاكت ألسنتهم شبهاً كثيرةً، لعلّ أكثرها طرحاً، ولعلّ أعمّها طرقاً: علاقة النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم بالنّساء، وزوجاته الكثيرات، واتّخاذه الجواري والسّراري، وتصريحه صلّى الله عليه وسلّم بحبّه للنّساء، ومخالفة حاله لأحوال أمّته، وخصوصيّة تشريعه في مقابل عموم التّشريع الّذي انطبق على أمّته؛ فبينما جاز لأمّته أن يتزوّج الرّجل منهم أربع نسوةٍ كحدٍّ أقصى جاز له المزيد والمزيد، وبينما هو قائدٌ سياسيٌّ وعسكريٌّ يفترض أنّه منشغلٌ عن النّساء وشهوتهنّ، وعن الدّنيا وملذّاتها… إذا بهم يرونه وقد تزوّج تسع نسوة، وقد صار يطرق عليهنّ في اللّيلة الواحدة، وقد صار حاله يوحي إليهم – أي إلى تفكيرهم المنحطّ – بأن النّبيّ المصطفى صلّى الله عليه وسلّم رجلٌ شهوانيّ…!! وبأنّه رجلٌ يحبّ النّساء حبّاً شهوانيّاً يجعلونه به من مصافّ أولئك الّذين يضرب بهم المثل في شهوتهم، وفي حبّهم للملاذّ والمتع!! وفي انغماسهم في الدّنيا وشهوتها حلالاً كانت أم حراماً!!
ولعلّ المسلم بمجرّد ما يستمع شيئاً من ذلك يَقُفُّ له شعر رأسه، وينزعج ويكتئب… لأنّ النّبيّ المصطفى صلوات الله وسلامه عليه ذو قداسة، ولأنّه من شعائر الله ولا بدّ من تعظيم شعائر الله { وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ * } فكيف يليق بقداسة محمّدٍ عليه الصّلاة والسّلام وشرفه ورفعته أن تتكلّم عنه الألسنة المنحطّة بمثل هذا الكلام!!..
ولكنّنا نريد أن ندافع عن حبيبنا بالعقل لا بالعاطفة، نحن نمتلك العاطفة لأنفسنا، ولكنّنا لا نستطيع إيصال العاطفة على حالها إلى أعدائنا، فلا بدّ من أن نمتلك سلاح العقل الّذي نذود به عن حبّ العاطفة…
ومن لا يذُد عن حوضه بسلاحه * يضرّس بأنياب، ويوطأ بمنسم
ولا يكون سلاحاً أمام العاقلين – وإن كان عقلهم مزعوماً – إلا العقل، ولا يكون سلاحاً يستخدم أمام حملة المنطق إلا المنطق… فلا بدّ من أن تقارع الحجّة بالحجّة، والبرهان بالبرهان… والشّبهة الّتي تطرح من منطلقٍ منطقيٍّ لا بدّ من أن يكون ضحدها منطقيّاً…
فما الّذي نقوله لمن زعموا أنّ النّبيّ رجلٌ شهوانيّ…؟! وأنّه رجلٌ تعلّق عمره كلّه بالنّساء…؟! وأنّ دعوته كلّها أسّست على أساس الشّهوة النّسويّة…؟!
أقول إخوتي: إنّ الرّدّ على هؤلاء لا بدّ من أن يكون في محورين اثنين:
• المحور الأول: أن نبطل هذه الغاية المزعومة عند النّبيّ المصطفى صلوات الله وسلامه عليه، وأن نثبت أنّه لا يمكن أن يكون شهوانيّاً، ولا يمكن أن يكون زواجه المتكرّر بدافعٍ من الشّهوة، وبدافعٍ من حيوانيّة يمتلكها الآخرون لأنّه فوق الآخرين، فإذا أثبتنا ذلك كان
• المحور الثّاني: أن نبحث عن الغاية الحقيقيّة من وراء زواجاته المتكرّرة – إن صحّ التّعبير – فننفي التّهمة، ونثبت بديلاً عنها بعد أن ننفيها.
ولا يمكن لعاقلٍ إلا أن يعترف بذلك، وقد اعترف بذلك بعضٌ من مستشرقين، وإن كان الّذين لم يعترفوا كُثُراً، وإن كان الّذين ركّزوا على مسألة الحياة الزّوجيّة للنّبيّ عليه الصّلاة والسّلام متعدّدين كثيرين.
أمّا المحور الأوّل فإنّه إبطال الدّعوى، وردّ الغاية المزعومة… وهذا يقضي منّا أن نعود أدراجنا مع النّبيّ المصطفى صلوات الله وسلامه عليه، إلى ما قبل النّبوّة سنين وسنين، لا بدّ من أن نعود معه عليه الصّلاة والسّلام إلى العُمر الذّي تتفتّح فيه الشّهوة، وتنمو فيه الغريزة، إلى العُمر الّذي يشعر فيه الشّابّ باكتمال رجولته، ويبحث عن إرواءٍ لغريزته، والجوّ المحيط مساعدٌ على ذلك مشجّعٌ عليه، والبيئة الّتي فيها نشأ صلّى الله عليه وسلّم بيئةٌ كثُر فيها الفسق والفجور، وعمّ فيها كلّ شكلٍ من أشكال الرّذائل، فلا بدّ من أن نعود بالنّبيّ عليه الصّلاة والسّلام… أو لنقل متأدّبين: لا بدّ من أن يعود بنا النّبيّ عليه الصّلاة والسّلام إلى تلك المرحلة من عُمره، لنعد به أو ليعد بنا أو لنعد معاً إلى عمرٍ يسمّى عند غير النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: بعمر المراهقة، ونربأ بأنفسنا أن ننسب إلى النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم مثل هذه الكلمة… الّتي تحمل معاني من نقصٍ ومعاني من تقصيرٍ وانحرافٍ، نعود معه إلى المرحلة الّتي هي عند غيره مرحلة المراهقة… لنرى ماذا فعل عليه الصّلاة والسّلام فيها، والبيئة المحيطة كما قلنا بيئةٌ صار فيها الخنا فاشياً، وصارت الفحشاء منتشرةً باديةً، وصار السّفاح في أحوالٍ كثيرةٍ بديلاً عن النّكاح!! ولو أنّه – صلّى الله عليه وسلّم – سلك طريقاً من الطّرق الملتوية – وما أكثرها حين إذ – لما سمع لوماً من كثير لائمين، ولما عاتبه كثير معاتبين، وحسبك أن تتصوّر مجتمعاً فسدت فيه العلاقة بين العبيد وخالقهم!، فماذا تنتظر بعد ذلك أن ترى ي أخلاقهم؟!
المرأة سلعة تباع وتشرى!! عند العرب نخوةٌ؟ نعم، عندهم شهامةٌ؟ نعم، عندهم شرفٌ؟ نعم، ولكنْ لا تظنّنّ ذلك كلّه قاعدةٌ مضطردةٌ، ولا تظنّنّ أنّ العرب كلّهم كانوا كذلك، ولا تظنّنّ أنّ المنحرف منهم يعامل معاملة الدّون ويعامل معاملةً تُشعره بالذّنب… بل فيهم منحرفون يمارسون حياةً طبيعيّةً! والمجتمع يتقبّل وجودهم… ومع ذلك ما سلك النّبيّ عليه الصّلاة والسّلام إحدى تلك الطّرق، ولنسمع سيّدنا رسول الله عليه الصّلاة والسّلام، لنسمعه بنفسه وهو يخبرنا عن تلك المرحلة الحسّاسة من حياة الإنسان ومن حياة الشّابّ خصوصاً، لنسمعه وهو يقول لنا: [ ما حدّثتني نفسي بشيءٍ ممّا يفعله الشّباب في حياتي كلّها… إلا مرتين… ] في عمره كلّه لم تحدّثه نفسه بمراهقة المراهقين – إن صحّ التّعبير – إلا مرّتين!! قال عليه الصّلاة والسّلام: [ قلت مرّةً لصاحبي: أبصر لي غنمي ] كان له شريكٌ في رعايته الغنم، قال له: [ أبصر لي غنمي ] أي ارعَ لي أغناميَ المسؤول أنا عنها [ حتّى أدخل مكّة، فأسمر بها كما يسمر الشّبّان، قال: أفعل ] ودخل النّبيّ عليه الصّلاة والسّلام فرأى قوماً يطربون ويغنّون… قال: [ ما هذا؟ قالوا: عرس فلانٍ وفلانة، فجلست أنظر إليهم ] يقول عليه الصّلاة والسّلام: [ جلست أنظر إليهم؛ فضرب الله على أذني فنمت، وما استيقظت إلا بحرّ الشّمس من اليوم التّالي، ثمّ فعلت ذلك مرّةً أخرى، فقلت لصاحبي: أبصر لي غنمي، فدخلت مكّة ورأيت مثل ما رأيت في الأولى وجلست أنظر؛ فضرب الله على أذني فنمت، وما استيقظت إلا بحرّ الشّمس من اليوم التّالي، ثمّ ما عدت إلى ذلك في حياتي مرّةً أخرى… ] هذا هو أعظم ذنبٍ وأقصى جريمةٍ يرتكبها إنسانٌ في مرحلة الشّباب المتوقّد!! في مرحلة الشّهوة العارمة!! في مرحلةٍ تطغى فيها الغريزة حتّى تجاوز حدود العقل وتتمرّد فيها الشّهوة حتّى تجاوز ضوابط العرف والمجتمع!! في تلك المرحلة… كان أقصى شيءٍ يفعله محمّدٌ عليه الصّلاة والسّلام أن ينوي ( أن يهمّ ) بالاستماع إلى عرسٍ فيه معازف وغناء!! والله تعالى يمنعه من ذلك { وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِّنِّي وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي * } … ما أجدر محمّدٌ عليه الصّلاة والسّلام بهذا الخطاب!! وهو به من موسى بن عمران أولى…{وَاصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي*} ما أولى محمّداً على الصّلاة والسّلام بهذا الخطاب!! وهو من موسى بن عمران أولى… { وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي * }.
عصمه الله ممّا لم يعصم منه سواه… إنّه واحدٌ ممّن يعجب الله تعالى لهم، ممّن أخبرنا عنهم هو – صلّى الله تعالى عليه وسلّم – إذ قال: [ عجب الله من شابٍّ ليست له صبوة ]… [ ضحك الله إلى شابٍّ ليست له صبوة ] وهو سيّد الشّباب الّذين لا صبوة لهم، ما صبا في شبابه؛ فكيف يصبو بعد أن صار كهلاً مكتملاً؟!! بعد أن صار ناضج العقل أكثر من ذي قبل؟!! كيف يُتَوقّع ذلك منه وهو الرّجل العاقل الّذي صار في الأربعينيّات والخمسينيّات؟؟!! كيف يُتَوقّع ذلك منه وهو النّبيّ الّذي يزيد إيمانه بشكلٍ متواترٍ إلى أن يلقى الله تعالى؟؟!! فالأنبياء الكرام عليهم سلام الله تعالى إيمانهم يزيد بالضّرورة ولا ينقص، وأمّا إيمان الملائكة فإنّه لا يزيد ولا ينقص، وأمّا إيمان سوى الأنبياء من البشر فإنّه يزيد وينقص ولا يضبطه ضابط، إلا على حسْب العمل الّذي يعمله المرء، فكلّ يومٍ عند النّبيّ خيرٌ من الّذي قبله، والّذي بعده خيرٌ منه، فإذا كان في صباه (في شبابه المبكّر) معصوماً من مجرّد الاستماع إلى المعازف والغناء… فكيف تُتَصوَّر الشّهوانيّة فيه صلّى الله عليه وسلّم؟!!.
انظر إليه وقد تأخّر زواجه إلى الخامسة والعشرين من العمر، والشّباب من بني جلدته ( من أهل قبيلته ) يبكّرون في الزّواج أكثر من ذلك، فلو كان شهوانيّاً فما الّذي يمنعه من التّبكير في الزّواج؟! ِلمَ لا يتزوّج وهو ابن السّتّة عشر أو السّبعة عشر عاماً؟!
وإذا زعموا إنّ السبب مادّي… فإنّ قولهم مردود لأنّه لو ارتضى الزّواج لكثُر العارضون… كيف لا وهم الّذين يحترمونه جميعاً – وهو الشّاب الحدث –احترامهم للشّيخ الجليل، وهم الّذين يلقّبونه الصّادق الأمين، وهم الّذين تزدان مجالسهم به، وهو الّذي يزين دار ندوتهم، وحلف فضولهم، وهم الّذين يدعونه – وهو الشّابّ – إلى مجالسهم – وهم الشّيوخ – وهم الّذين يأخذون برأيه في بناء الكعبة ولم يبلغ ما بلغوا من العمر والشّيخوخة…
امرؤٌ كهذا لو طلب الزّواج لكثُر العارضون، ثمّ إنّ بيئته الاجتماعيّة بيئةٌ ليست بالمغمورة، فهو من بني هاشم، وإن كان هو فقيراً فإنّ بني هاشمٍ ليسوا بالفقراء، ولو ارتضى الزّواج مبكّراً لكثُر المعينون المساعدون، ومع ذلك فإنّه لم يكن مستعجلاً لأنّه كان أسمى من الشّهوة، لأنّه كان يعيش حياةً راقيةً ساميةً لم تؤدِّ به إلى الرّهبانيّة؛ ولكن أدّت به إلى أقلّ منها، لم تؤدِّ به إلى كبت الشّهوة وإلغائها إلغاءً أبديّاً؛ ولكن أدّت به إلى تهذيب الشّهوة وتأجيلها تأجيلاً مؤقّتاً…
فالتّأجيل المؤقّت أبلغ برهاناً من الإلغاء المؤبّد على استقامة العبد وعلى سموّه عن شهوات البشر ( الشّهوات الحيْوانيّة الغريزيّة ).
تأخّر زواجه إلى الخامسة والعشرين، وفي ذلك برهانٌ أنّه ليس بصاحب شهوة… ثمّ لمّا تزوّج… هل تزوّج اثنتين وثلاثاً وأربعاً… متواترتٍ متتاليات؟! والمجتمع يبيح ذلك، والعرب قومٌ مزاويج، تجد لأحدهم عشرين امرأةً، وثلاثين امرأة… بل ربّما يصل العدد إلى المئات!! ما بين امرأةٍ مهيرة، وما بين سبيّةٍ متسرّاةٍ… كان ربّما يصل عدد أزواج أحدهم ( ما بين الأزواج المهيرات، وما بين الجواري السّرائر ) إلى عددٍ هائلٍ، ولو فعل ذلك محمّدٌ لما عاب عليه أحد، ولما انتقده أحد، لأنّ ذلك عُرف، والعُرف مقبول، والعرف مرضيّ… لكنّه ما فعل ذلك.
إنّما تزوّج امرأة، وهو الّذي خُطِبَ وما خَطَب، وكأنّ الله جلّ وعلا أراد أن يُعدّه حتّى في الزّواج، أراد أن يجعله مطلوباً حتّى في سنّة الكون ( النّكاح ) خديجة هي الّتي خطبته… ثمّ خطبها جرياً على العُرف بعد خطبتها له، هي الّتي سمعت عن صدقه وأمانته، وتقواه واستقامته، فأرسلته في تجارتها إلى الشّام ومعه غلامها ميسرة يرقب أحواله، حتّى عاد معه – عليه الصّلاة والسّلام – بربح أوفر من ذي قبل، فربح مال خديجة أكثر ممّا كان يربح، ووصف لها ميسرة من أحوال النّبيّ العجب، وصف لها الغرائب الّتي رآها، وصف لها الغمامة الّتي كانت تظلّله، وصف لها حسن خُلقٍ يبدو منه، وصف لها شهاداتٍ يسمعها… فهذا هو الرّاهب يقول له: من هذا الّذي نزل معك تحت ظلّ الشّجرة؟ يقول ميسرة إنّه رجلٌ من قريش يدعى محمّد بن عبد الله، يقول: ما نزل تحت الشّجرة قطّ إلا نبيّ!!
رأى ميسرة ذلك كلّه بعينه، وسمعه بإذنه، ونقل الخبر إلى خديجة؛ فكانت خديجة هي الّتي خطبته، هي الّتي دعته إلى نفسها، وهي المرأة الّتي يرغب فيها كلّ أحد، ولكن لو كان النّبيّ المصطفى رجلاً صاحب شهوة لما كانت خديجة تكفيه… خديجة يرغبون فيها لجاهها، يرغبون فيها لمالها، يرغبون فيها لعقلها وسداد رأيها، ولكن لا يرغبون فيها لما يُرغب عادةً في النّساء من الصّبا إذ هي امرأةٌ دخلت في الكهولة، ولا يرغبون فيها لما يُرغب عادةً في النّساء من البكارة إذ هي امرأةٌ ثيّب، كانت قبل النّبيّ عليه الصّلاة والسّلام عند أبي هالة، ويروى أنّ اسمه مالك بن النّباش، بل وكانت قبل أبي هالة عند عتيق بن عابد… فهي ثيّب ثيّب، آمت مرّتين من زوجين، فأيّ شيء يبتغيه منها رجلٌ شهوانيٌّ يبحث عن الشّهوة العارمة في امرأةٍ بكر؟!!
عندما تزوّج أحد أصحابه امرأةً ثيّباً قال له: [ هلا بكراً تلاعبها وتلاعبك ]… فاعتذر الرّجل عن ذلك بأنّ له أولاداً يريدون امرأةً ترعاهم.
هو – عليه الصّلاة والسّلام – ما تزوّج بكراً، لأنّه لا يريد الآن امرأةً تلاعبه ويلاعبها لأنّه عليه الصّلاة والسّلام تزوّج لإقامة سنّة الله، وتزوّج لإقامة سنّة المرسلين؛ فالنّكاح من سنن المرسلين، وكلّ المرسلين إلا قليلاً تزوّجوا، حتّى عيسى الّذي ما تزوّج سيتزوّج عندما ينزل آخر الزّمان وينجب، إلا يحيى الّذي خلقه الله حصوراً لا يتزوّج ولا يمتلك للزّواج شهوةً ولا عليه استطاعةً…
فالزّواج سنّة أقامها النّبيّ بخديجة رضوان الله عليها، ولو أراد الشّهوة لتخيّر بكراً، لتخيّر صغيرةً وهو ابن الخمسة والعشرين عاماً… فماذا يصنع بامرأةٍ قد بلغت الأربعين عاماً؟!! ( هي أكبر منه بخمسة عشر عاماً ) لو كان شهوانيّاً.
ثمّ لو كان شهوانيّاً هل كان يكتفي بواحدة؟! وهل كان يبقى مع الواحدة ولا يتزوّج عليها خمسةً وعشرين عاماً… حتّى تُتَوفّى وقد بلغ من العُمر خمسين سنة؟!! وقد بلغت هي من العمر خمساً وستّين سنة؟!!
امرأةٌ عجوزٌ قد شاخت ولكنّه عليه الصّلاة والسّلام رأى في علاقته بها استقراراً عائليّاً يكفيه ويغنيه، وهو لا يريد الشّهوة صلّى الله عليه وسلّم، ولو أرادها للبّت، ولو ابتغاها لسعت إليه.
ها هو عليه الصّلاة والسّلام يُفتن عن دينه، وتُعرض عليه العروض… يأتيه الوليد بن المغيرة موفداً لقريش؛ فيقول له ناطقاً بلسانهم: ( إن كنت تريد من وراء دعوتك هذه مالاً… جمعنا لك من أموالنا حتّى تكون أغنى واحدٍ فينا، وإن كنت تريد منها جاهاً… سوّدناك علينا فلم نقطع بأمرٍ إلا أن تشير علينا، وإن كنت تريد من دعوتك هذه نساءً… تخيّرنا لك أجمل نساء قريش )… ورسول الله يومها نبيّ فهو إذاً متزوّج، ويعرض عليه الزواج مرّةً أخرى ( إن كنت تريد نساءً تخيّرنا لك أجمل نساء قريشٍ فزوّجناكها، وإن كان هذا الّذي بك مسّاً من الجنّ تخيّرنا لك من الأطبّاء حتّى داويناك ) ولكنّ كلام الوليد كان أدنى وأخسّ من أن يجيب النّبيّ عليه الصّلاة والسّلام عليه بمثله، لأنّ هذا الكلام لا يُجاب عليه بمثله، لذلك قهره بما هو أقوى، قهره بقوله: { بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ: حم * تَنزِيلٌ مِّنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِّقَوْمٍ يَعْلَمُونَ * بَشِيرًا وَنَذِيرًا فَأَعْرَضَ أَكْثَرُهُمْ فَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ * } … إلى آخر الآيات كما تعلمون الحادثة، لقد عُرض على النّبيّ ما يُزعم له ويُدّعى فلماذا رفض؟!
أجيبونا يا أيّها الشّباب المستغربون! يا من مُسخت أفكاركم، ويا من غُرِّر بكم، ويا من تمكّن أعداؤكم من الولوج إلى صلب عقيدتكم، ويا من استطاعوا أن يُشوِّهوا أمامكم صورة نبيّكم… أجيبونا، إن كنتم تزعمون أو يُزعم لكم أنّ محمّداً شهوانيّ، فلماذا رفض العرض؟؟ وهو قادرٌ على الأخذ به دونما نكير! وإذا تركه فلماذا لم يتزوّج من تلقاء نفسه والنّساء كثيرات وكلّهنّ أو معظمهنّ فيه راغباتٌ له مبتغيات، ولكنّه بقي خمسة وعشرين عاماً لا يدخل على خديجة رضوان الله عليها ضَرَّة، حتّى توفّيت خديجة رضوان الله عليها…
تقولون لي: المهمّ أنّه من بعد وفاة خديجة تزوّج الكثيرات، أفلا يمكن أن يكون انقلابٌ نفسيٌّ قد حلّ به؟
أقول: أيّ عاقلٍ يزعم أن رجلاً جاوز الخمسين من عمره… ولم يُعهد من عمره كلّه زلّةً واحدةً، ولم يسقط ولا سقطةً واحدةً… فمن بعد الخمسين يتزوّج الكثيرات بدافعٍ من الشّهوة؟!!! إنّ هذا المزعم أمام العقل ينهار، وأمام الحجج يندحر…
لقد تزوّج الكثيرات، ولكن لو كان يريد الشّهوة لما اكتفى بهؤلاء الكثيرات، وقد قلنا إنّ العرب عُرِف عندهم الزّواج من العشرات، فلماذا يكتفي النّبيّ بتسعٍ أو عشر من النّساء؟ إذا كان يُريد الشّهوة كان يستطيع أكثر من ذلك:
والنّفسُ كالطّفلِ إنْ تهملهُ شبّ على * حبِّ الرّضاعِ وإنْ تفطمهِ ينفطمِ
فلو كان النّبيّ يعطي نفسه كلّ رغيبةٍ من رغائبها لما كان يكتفي بتسع نسوة، لأنّ نفسه تكون – إذاً – طالبةً المزيد، ولو كان يُريد الشّهوة لما تزوّج نساءً كلّهنّ ثيّباتٌ إلا واحدة، فتلك الأرملة، والثّانية المطلّقة، والثّالثة الّتي تزوّجت قبله مرّتين…
عائشة وحدها بكرٌ ما تزوّج قبلها عليه الصّلاة والسّلام، فهل يفعل ذلك الرّجل صاحب الشّهوة العارمة؟! أن يتزوّج ثيّباتٍ ويدع الأبكار الكثيرات؟! ويكتفي بعد ذلك بقلّةٍ من الثّيّبات؟! إنّ كلّ هذه الحجج والبراهين لدامغةٌ قاطعةٌ ساطعةٌ لأنّ النّبيّ عليه الصّلاة والسّلام ما كان ذلك منطلقه، وما من أجل ما يزعمون أَكْثَرَ من الزّواج…
فإذا تبيّن صدق كلامنا في هذا المحور الأوّل؛ فلنبحث إذاً عن السّبب الّذي يكمن وراء كثرة أزواجه في محورٍ ثانٍ.
تزوّج كثيراً، تزوّج عائشة من بعد خديجة، ويُقال إنّه تزوّج سودة بنت زمعة أوّلاً واختلفت الرّوايات أيّهما أسبق، وكانت عائشة رضوان الله عليها صغيرةً فلم يبنِ بها حتّى كان في المدينة.
تزوّج سودة بنت زمعة القرشيّة العدويّة رضوان الله عليها، وكانت من قبله عند ابن عمّ لها هو السّكران بن عمرو.
تزوّج من قريشٍ كذلك حفصة بنت عمر بن الخطّاب رضي الله تعالى عنهما، وكانت قبله عند خُنيس بن حذافة السّهميّ رضوان الله عليه الّذي استشهد.
تزوّج من قريشٍ أمّ حبيبة بنت أبي سفيان رضوان الله تعالى عليها وكانت قبله عند عبيد الله بن جحش.
تزوّج من قريشٍ أمّ سلمة بنت أبي أميّة بن المغيرة، وكانت قبله عند أبي سلمة عبد الله بن عبد الأسد المخزوميّ ( ويُقال إنّه عبد الله بن عبد المطّلب المخزوميّ ).
تزوّج كذلك عليه الصّلاة والسّلام زينب بنت جحش رضوان لله عليها بنت عمّته، وكانت قبله عند زيد بن حارثة.
تزوّج زينب بنت خزيمة بن الحارث رضي الله تعالى عنها، وهي الّتي كانت تُسمّى أمّ المساكين، وكانت قبله عند عبد الله بن جحش؛ ولم يطُل مكثها معه حتّى توفّيت في حياته، ولم يُتوفّى في حياته من نسائه إلاّ زينب بنت خزيمة بن الحارث وخديجة بنت خويلد رضوان الله عليهما.
تزوّج كذلك عليه الصّلاة والسّلام ميمونة بنت الحارث الهلاليّة وكانت تُدعى في السّابق في الجاهليّة ( برّة ) فلمّا تزوّجها سمّاها: ( ميمونة ) وهي رضوان الله عليها أختٌ لزينب بنت خزيمة من أمّها، وكانت قبل النّبيّ عليه الصّلاة والسّلام عند أبي رُهَم بن عبد العُزّى.
تزوّج عليه الصّلاة والسّلام جويريّة بنت الحارث الخزاعيّة المصطلقيّة، وكانت قبله – عليه الصّلاة والسّلام – عند مشافع بن صفوان المصطلقيّ.
وتزوّج صفيّة بنت حييّ بن أخطب – بنت الزّعيم اليهوديّ – بعد أن وقعت سبية في بني قريظة وهي من بني النّضير في الأصل؛ فأعتقها وجعل عتقها مهرها، وكانت قبله عند سلاّم بن مشكم، وكانت قبله عند كنانة بن أبي الحُقَيْق.
هؤلاء عدّة نسوته المتّفق عليهنّ، وأمّا المُختلف عليهنّ فإنّ معظم الرّوايات الواردة فيهنّ رواياتٌ ضعيفة.
وأمّا ماريّة القبطيّة رضوان الله عليها فإنّما تسرّاها ووطئها بملك اليمين، ولم يتزوّجها بل اتخذها جاريةً متسرّاة؛ فلمّا أنجبت إبراهيم قال عليه الصّلاة والسّلام: [ أعتقها ولدها ]، وكذلك كانت له جاريةٌ أخرى عليه الصّلاة والسّلام يطؤها بملك اليمين.
لا نجد في نسائه إلاّ بكراً هي عائشة، والباقيات ثيّبات، فمن أجل ماذا يتزوّج بهؤلاء؟
ثمّة سبب عامٌ نتوقّف عنده، وأمّا الأسباب المخصّصة فلا نخوض فيها كثيراً، لا نأخذ كلّ قضيّةٍ من قضايا زواجه على حدى؛ لئلا نعامل النّبيّ عليه الصّلاة والسّلام – حاشى له ذلك – كمتّهمٍ نحاكمه على تُهمةٍ إثر أخرى.
كلّ اللائي تزوّجهن تزوّجهنّ لحكمة، فأمّا الحِكَمُ العامّة فمنها: أولاً كثرة نسائه عليه الصّلاة والسّلام سببٌ في أسباب نشر شرع الله تعالى، لأنّ المرأة تطّلع على أحوال زوجها في بيته على ما لا يطّلع عليه أصحابه خارج بيته، فأصحابه لا يعلمون كلّ أحوال منامه، ولا يعلمون أحوال نكاحه، ولا يعلمون أحوال خدمته لأهله، نساؤه وحدهنّ يعلمن ذلك؛ فكثرة النّسوة أدّت إلى كثرة ونشر الدّعوة، والله تعالى قد نصّب نساء النّبيّ داعيات مبلّغاتٍ لما يرين داخل البيوت، فقال تعالى: { وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللهِ وَالْحِكْمَةِ } ... فكثرة النّساء تعني كثرة الدّعاة الّذين ينشرون أحوال النّبيّ الّتي تختصّ بها دواخل بيوته لا خوارجها.
وأمّا السّبب الثّاني فإنّه عليه الصّلاة والسّلام تزوّج من بعض المقرّبين حتّى يعمّق الصّلة بهم، وتزوّج من بعض البعيدين حتّى يتألّف قلوبهم، تزوّج بنت صاحبه المقرّب أبي بكرٍ (عائشة) لتقوى صلته بأبي بكر، وتزوّج بنت صاحبه الثّاني عمر ( حفصة ) لتقوى صلته بعمر، وبالمقابل زوّج بنته ( رقيّة ) وبنته ( أمّ كلثوم ) لصحابه المقرّب الثّالث عثمان، وزوّج بنته المقرّبة (فاطمة) إلى صاحبه الرّابع عليّ، فأصهر إلى اثنين من الخلفاء، وأصهر إليه اثنان منهم، وفي ذلك تعميقٌ للرّوابط، ثمّ تزوّج من قبائل العرب المتفرّقة، تزوّج من خزاعة، تزوّج من بني المصطلق، بل وتزوّج من قبيلةٍ من قبائل اليهود بني النّضير علّه يُصلح ما بينه وبينهم إذ إنّهم سيعاملونه معاملةً مختلفةً بعد أن أصهر إليهم، فصهرهم حامي عرضهم وشرفهم لا يمكن أن يقاتل، فكيف يبارزونه بالسّيف؟!
لقد كان زواجه من بعض نسائه سبب خيرٍ على أولئك الأقوام، فمن ذلك على سبيل المثال: أنّه عندما تزوّج – صلوات الله وسلامه عليه – واحدةً من أزواجه كانت سبيّةً أسيرة أطلق أصحابه كلّ ما عندهم من السّبايا والأسرى، وقالوا: هؤلاء أصهار النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم فكيف نبقيهم تحتنا عبيداً؟! أعتقوهم ببركة هذه المرأة، هذا سببٌ عظيمٌ وجيه.
كان السّبب الثّالث العامّ رعايته لأولئك الأرامل والأيامى المطلّقات والمتوفّى أزواجهنّ اللاتي لا معيل لهنّ، فتلك امرأةٌ استشهد زوجها، ماذا يُفعل بها؟ والرّجال لا يرغبون عادةً في الأرامل والأيامى، فهذه حفصة بنت عمر بعد أن استشهد زوجها خُنيس بن حذافة رضوان الله عليه، يعرضها عمر على أبي بكرٍ فيأباها، يعرضها على عثمان فيأباها، حتّى يخطبها عليه الصّلاة والسّلام ويتزوّجها… أفلا ترى مقدار ما قدّم عليه الصّلاة والسّلام من نفعٍ لحفصة عندما جبر بخاطرها؟! ومن نفعٍ لعمر عندما أصلح له حاله بعد أن ترمّلت بنته؟! وقس على هذا كثيرات… منهنّ أمّ حبيبة الّتي رجعت من الحبشة بغير زوج، رجعت بعد أن فقدت زوجها ولا تملك أن تعود إلى أبيها، وكيف تعود إلى أبيها الكافر؟ وهي الّتي هجرته وتركته وأسلمت رغماً عن أنفه وتزوّجت مسلماً! فكيف تعود إليه اليوم؟ وليس لها من يحميها، لا زوج لها… فكان زواجه – صلّى الله عليه وسلّم – منها أمراً لا بدّ منه، من باب إصلاح ما أفسده زوجها…
وهكذا باقي نسوته، كنّ يحتجن إلى معونةٍ ورعاية وحماية وعناية، فكان عليه الصّلاة والسّلام هو الحامي والرّاعي.
تقول: وهل هذا يعني أنّه كلّما رأى الرّجل امرأةً أرملةً كان له أن يتزوّجها حماية لها؟
نقول: إنّ الخصوصيّة في التّشريع النّبويّ باديةٌ واضحةٌ؛ فأباح الله تعالى له نسوةً كثيرات، ثمّ قال له بعد ذلك: {لَا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاء مِن بَعْدُ وَلَا أَن تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاجٍ وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ} فمنع الله تعالى نبيّه من الزيادة على ما كان عنده، حتّى ولو طلّق بعض نسوته ليس له أن يتبدّل، شيءٌ أحلّه الله تعالى له إذ قال: { يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ اللَّاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ وَمَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِمَّا أَفَاء اللَّهُ عَلَيْكَ وَبَنَاتِ عَمِّكَ وَبَنَاتِ عَمَّاتِكَ وَبَنَاتِ خَالِكَ وَبَنَاتِ خَالَاتِكَ اللَّاتِي هَاجَرْنَ مَعَكَ وَامْرَأَةً مُّؤْمِنَةً إِن وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَن يَسْتَنكِحَهَا خَالِصَةً لَّكَ مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ } وكانت تلك المرأة الّتي وهبت نفسها هي ميمونة رضوان الله تعالى عليها.
أفلا ترى إذاً أنّ الخصوصيّة في التّشريع للنّبيّ عليه الصّلاة والسّلام كانت لها أسباب؟! فالله تعالى أعطى النّبيّ من القدرة على الرّعاية ما لم يعطِ غيره، وأعطاه على القدرة من معاشرة النّساء ما لم يعطِ غيره، فكان يطوف على نسائه بالغسل الواحد، وكانوا يقولون إنّه أوتي قوّة ثلاثين في الجماع – عليه الصّلاة والسّلام – وما ذلك إلا ليقوم بحقّ أزواجه، ولو كان غيره لما كان له أن يقوم بحقوقهنّ.
ذلك من الأسباب العامّة الّتي تنطبق على معظم أزواجه، ولكنّ هناك أسباباً خاصّةً لأحوالٍ خاصّةٍ لبعض أزواجه، فمنهنّ مثلاً زينب بنت جحشٍ رضي الله عنها مطلّقة زيد بن حارثة حبّ رسول الله وصاحبه ومولاه الّذي سُمِّيَ يوماً من الأيّام زيد بن محمّد – صلّى الله عليه وسلّم – وزوّج رسول الله زيداً زينباً رغم رفضها في البداية، ولكنّ الله قد أنزل يخاطب زينب وأخاها – وقد رفضا زيداً – أنزل: { وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُّبِينًا * } فتزوّجت زينب زيداً واستجابت لأمر الله ورسوله، ولكن لم تكن الحياة الزّوجيّة سعيدةً مستقرّةً، وعلم النّبيّ بالوحي أنّ زيداً سيطلّق زينب فخشي من ذلك، وعلم أنّه سيتزوّج زينب من بعد زيد فخشي من ذلك، خشي أن يقول النّاس: تزوّج زوجة ابنه، تزوّج كنّته، خشي أن يقولوا: طلّق زيدٌ زينب وهو ابن رسول الله؛ فتزوّج أبوه زينب... ولكنّ الله أبطل التّبنّي، وحتى يثبت بطلان التّبنّي زُوِّج رسول الله زينب، { وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ } أنعم الله عليه بالإيمان، وأنعمت عليه بالعتق والتّحرير { وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَاهُ } لماذا كان يخشى النّاس؟ لا كما زعم أعداء الله، يخشى أن يقول النّاس تزوّج زوجة ابنه { وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَاهُ فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِّنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا * } أي لا تحاول أن تمنع القدر لأنّ أمر الله مفعول، { فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِّنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا } في ذلك تشريع، التّبنّي بطل؛ فلو كان زيدٌ ابن محمّد لما جاز أن يتزوّج محمّدٌ مطلّقة زيد لأنّها من المحرّمات حرمةً أبديّة: { وَحَلاَئِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلاَبِكُمْ } ولكن زيداً ليس ابن صُلْب، ليس ابناً إلا بالتّبنّي؛ والتّبنّي قد بَطَلَ؛ فلا حرج على رسول الله أن يتزوّج مطلّقة مُتبنَّاه { ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِندَ اللَّهِ } فهو زيد بن حارثة لا زيد بن محمّد { فَإِن لَّمْ تَعْلَمُوا آبَاءهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ } ، { مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ } ، تلك حكمة تميّز بها زواج رسول الله من زينب، وحكمة أخرى تبيَّنت في زواج رسول الله من غير زينب.
قد تُطرَح شبهةٌ أخرى فيُقال: فلماذا إذاً تزوّج البكر عائشة؟ هل نستطيع أن نقول إذاً: لقد تزوّج رسول الله نسائه كلّهنّ بِحكَم ولكن لا بدّ لنفسه من حظٍّ ولشهوته من إشباع لذلك تزوّج عائشة... واحدة على الأقلّ..
أقول: لا، حاشى له ذلك، إنّما تزوّجها لحكمةٍ كذلك، تزوّجها لتكون المعلّمة من بعده تزّوجها صغيرةً صبيّةً حَدَثَةً لتشهد صحبة النّبيّ عليه الصّلاة والسّلام في أوج تفتّح ذهنها وعقلها، وتحفظ عنه ما ترى وما تسمع، حيث إذا حفظت في هذا العمر لا تنسى، وهذا ما جعل عائشة أعلم أمّهات المؤمنين، وهذا ما جعلها حجّةً في العلم، في الفقه، في الحديث، في التّفسير... فكانوا إذا أشكل عليهم أمرٌ يسألون عائشة، الصّحابة الرّجال الكبار يسألون عائشة فتقول لهم: ( على الخبير وقعتم ).. يسألونها فيما دقّ وجلّ، كبُر وصغُر.. فتقول: ( على الخبير وقعتم )، لأنّها تلميذة النّبيّ في أفضل أوقات التّتلمذ، تعلّمت منه في بيته في أوج فترات التّعلّم لذلك تزوّجها بكراً، ولذلك تزوّجها صغيرة وراعاها ودلّلها زيادةً على باقي نسائه، وكانت محبوبةً حبّاً زائداً لا يعدل بها أحداً بعد خديجة رضوان الله عليها.
تطرحون لنا شبهةً أخرى فتقولون: وهذا الفارق الكبير من العمر بين رسول الله وعائشة الّذي زاد على أربعين عاماً! فهي الّتي بلغت التّاسعة من العمر وهو الّذي جاوز الخمسين! كيف تفسّرونه؟!
أقول: أولاً إنّ عائشة في ذلك العمر امرأةٌ بالغةٌ ناضجة، والبيئة تحدّد عُمر البلوغ على حسب الحرارة والظروف المحيطة، فربّما بلغ لفتى أو الفتاة في بيئةٍ أبكر من بيئةٍ أخرى، ثمّ إنّ عائشة عاقلةٌ رغم صغرها، ثمّ إنّ الزّواج تمّ برضاها ورضا والدها، ثمّ رأينا علاقة النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم بها كيف كانت، لم تشعر عائشة بفارق العمر وقد لاطفها النّبيّ ولاينها، وقد كان عليه الصّلاة والسّلام يأتي لها باللّعب لتلعب، وكان يُمازحها، وكان يُسابقها ويلعب معها و يركض معها وكان يضع لها كتفه لتضع عليه رأسها وتتفرّج على الحبشة وهم يلعبون في باحة المسجد؛ فلا ينصرف ولا ينزع حتّى تكون هي الّتي تنزع، وكان يتحمّل بعضاً من أذاها في بعض الأحيان، وكانَ وكان… كلّ ذلك كان كفيلاً بأن يُنسيَ عائشة فارق العُمر ويُشعرها بشبه تكافؤٍ بينها وبين النّبيّ عليه الصّلاة والسّلام، فهي زوجةٌ وهو زوج، رغم أنّ بينهما سنين كثيرة، تزوّج النّبيّ خديجة وبينهما خمسة عشر عاماً لصالحها، وتزوّج عائشة وبينهما أكثر من أربعين عاماً لصالحه؛ ليبيّن لنا صواب الحالتين على حسب حالة الرّجل المُتَزَوِّج والمرأة المُتَزوَّجَة.
طرحوا لنا شبهةً أخرى، ولقد قرأت في معجمٍ للأعلام من أنتاج جامعة أكسفورد الإنكليزيّة كلاماً عجيباً!! يزعمون فيه أنّ النّبيّ تزوّج خديجة لمالها وكان فقيراً طامعاً فيها!
وهذا الكلام لا يثبت أمام الحجج، لأنّ خديجة هي الّتي خطبت النّبيّ، ولأن النّبيّ كان الرّجل المُطاع في بيته رغم أن خديجة هي الّتي كانت تنفق أحياناً، ورسول الله ما كان قاعداً ناكصاً عن العمل، بل كان يعمل وينفق صلّى الله عليه وسلّم، ثمّ إنّ العلاقة بين خديجة ومحمّدٍ عليه الصّلاة والسّلام تنفي مثل هذا الكلام الفاسد مثل هذا الكلام المنحطّ الّذي يرقى عنه صلّى الله عليه وسلّم، ويرقى عن كلّ شبهةٍ تطرح عنه، فهو الّذي قال: [ حبّب إليّ من دنياكم ثلاث: الطّيب والنّساء، وجعلت قرّة عيني في الصّلاة ]، ولم نجد حبّه لنسائه ذلك الحبّ الشّهوانيّ، إنّما حبّه لهنّ حبّ الرّحمة، حبّ الشّفقة، حبّ العقل… لأنّهنّ خلقن من ضلع، ولأنّهنّ كالقوارير في رقّتهنّ، فهو الّذي قال: [ رفقاً بالقوارير ].
هذا هو النّبيّ، وهؤلاء هنّ نسوة النّبيّ، وهذه هي العلاقة بين النّبيّ والنّساء، فلا تلك ألسنة الجاحدين ذلك الأمر بعد ذلك، ولا يحاولوا أن يطفوا الشّمس بنفخ أفواههم لأنّ الله: { مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ * } .
ولنا مع شبهاتٍ أخر وقفاتٌ أخرى بإذن الله تعالى، أقول هذا القول وأستغفر الله.
الحمد لله حمداً كثيراً كما أمر، وأشهد أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له، إقراراً بوحدانيّته وإرغاماً لمن جحد به وكفر، وأشهد أنّ سيّدنا محمّداً عبده ورسوله الشّفيع المشفّع في المحشر، ما اتصلت عينٌ بنظرٍ ووعت أذنٌ بخبر.
أوصيكم – عباد الله – ونفسي بتقوى الله، وأحثّكم وإيّاي على طاعته، وأحذّركم وبال عصيانه ومخالفةِ أمره، واعلموا أنّه لا يضرّ ولا ينفع ولا يصل ولا يقطع ولا يعطي ولا يمنع ولا يخفض ولا يرفع ولا يفرّق ولا يجمع إلاّ الله.
واعلموا أنّ الله أمركم بأمرٍ بدأه بنفسه، فقال تعالى: { إِنَّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً * } ، اللّهمّ صلّ على سيّدنا محمّدٍ وعلى آله وصحبه وسلّم.
اللّهمّ أيّد الإسلام وأعزّ المسلمين، وأعلِ وانصر يا مولنا الحقّ والدّين، اللّهمّ من أراد بالإسلام والمسلمين خيراً فوفّقه إليه، ومن أراد بهم غير ذلك فاجعل دائرة السّوء عليه، اللّهمّ إنّا نسألك الهدى والتّقى والعفاف والغنى، اللّهمّ أغننا بحلالك عن حرامك، وبطاعتك عن معصيتك، واكفنا بفضلك عمّن سواك، اللّهمّ ردّنا والمسلمين إلى دينك ردّاً جميلاً، اللّهمّ إنّك عفوٌّ تحبّ العفو فاعف عنّا، واغفر اللّهمّ للمسلمين والمسلمات المؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات، إنّك يا مولانا سميعٌ قريبٌ مجيب الدّعوات، والحمد لله ربّ العالمين.
عباد الله:
{ إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ * } .

الملفات الصوتية
الملف الأول
الملفات النصية
الملف الأول104.5 KB
أرسل هذه الصفحة إلى صديق
اسمك
بريدك الإلكتروني
بريد صديقك
رسالة مختصرة


المواضيع المختارة
مختارات

[حسن الظن بالله]

حسن الظن بالله يعني أن يعمل العبد عملاً صالحاً ثم يرجو قبوله من الله تعالى ، وأن يتوب العبد إلى الله تعالى من ذنب عمله ثم يرجو قبول الله تعالى لتوبته ، حسن الظن بالله هو ذاك الظن الجميل الذي يأتي بعد الفعل الجميل.
يقول النبي عليه الصلاة والسلام : {لا يموتن أحدكم إلا وهو يحسن الظن بالله تعالى.}
قال سبحانه في الحديث القدسي :{ أنا عند ظن عبدي بي وأنا معه إذا ذكرني } أنا عند ظن عبدي بي فإذا ظننت أنه يرحمك وأخذت بأسباب الرحمة فسوف يرحمك ، وأما إن يئست من رحمته وقصرت في طلب أسبابها فإنه لن يعطيك هذه الرحمة لأنك حكمت على نفسك والله تعالى سيحكم عليك بما حكمت أنت على نفسك .