الخطب > بين الغرور و الإحباط شعرة
بين الغرور و الإحباط شعرة

المغرور والمهزوز – أيُّها الأحبَّة – كلاهما يهرب من الحقيقة، ولكنْ كلٌّ بطريقته على حَسْب الإمكانات المتاحة؛ المغرور يهرب من حقيقة ضعفه، والمهزوز يهرب من حقيقة قوته...............

بسم الله الرَّحمن الرَّحيم
بين الغرور والإحباط شعرة
تاريخ الخطبة: 12 / شعبان / 1426 هـ ، 16 / 9 / 2005 م.


الحمد لله ثمَّ الحمد لله، الحمد لله نحمده، نستعين به نستهديه نسترشده، نتوب إليه نتوكَّل عليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا و سيِّئات أعمالنا، { مَن يَهْدِ اللهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَن يُضْلِلْ فَلَن تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِدًا * } ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أنّ سيِّدنا محمَّداً عبده ورسوله، وصفيُّه وخليله، خير نبيٍّ اجتباه وهدىً ورحمةً للعالمين أرسله، صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه، ورضي الله عن خاصَّة أصحابه سادتنا أبي بكرٍ وعمر وعثمان وعليٍّ، وعن بقيَّة العشرة المبشرين بالجنَّة، وعن السِّبطين الشَّهيدين أبي محمَّدٍ الحسن، وأبي عبد الله الحُسين، وعن أمِّهما فاطمة الزَّهرا، وجدَّتهما خديجة الكبرى، وعن عائشة أمِّ المؤمنين وعن جميع الآل والصَّحابة، والأهل والأزواج والقرابة، والتَّابعين، وتابعيهم بإحسانٍ إلى يوم الدِّين، وعنَّا معهم برحمتك يا أرحم الرَّاحمين.
أمَّا بعد:
أيُّها الإخوة المؤمنون:
إنَّ الإنسان المسلم إنسانٌ متوازنٌ في كلِّ أحواله، إنسانٌ مستقرٌّ استقراراً نفسيَّاً دائماً، في حالة اليُسر وفي حالة العُسر، في حالة السَّراء وفي حالة الضَّراء، في حالة القوَّة وفي حالة الضَّعف، لأنَّه مرتبطٌ دائماً بالحقائق، ولا يتعلَّق قلبه بالأوهام، فإذا تغيَّرت أحواله الظَّاهرة فإنَّه يعلم أنَّ هذه الأحوال أوهامٌ وأعراضٌ توشك أن تزول، ولكنَّه يعلِّقُ قلبَه بالحقيقة؛ فيبقى دائماً في حالةٍ متَّزنةٍ مهما تغيَّرت أحواله، يبقى دائماً محافظاً على توازنه النَّفسي لأنَّه متوقِّفٌ عند الوسط؛ فلا إفراط ولا تفريط.
والتَّناقضات رغم تباعدها الظَّاهري هي في حقيقتها متقاربةٌ جدَّاً، أي إنَّ الإنسان المتطرِّف هو نفسه يوجد في أقصى اليمين تارة، وفي أقصى اليسار تارة، أما المسلم المتوازن المتَّزن فإنَّه لاستقراره النَّفسي ولارتباطه بالحقائق لا يذهب إلى أقصى اليمين ولا يذهب إلى أقصى اليسار بل يحافظ دائماً على حالةٍ من الاستقرار الوسطيِّ ومن التَّوازن والاعتدال.
ومن هذه النَّقائض الَّتي هي في ظاهرها متباعدة، وفي حقيقتها وجهان لعملةٍ واحدةٍ: الغرور والإحباط.
الغرور والإحباط مصطلَحان متناقضان؛ الغرور: يعني ثقةً زائدةً بالنَّفس، والإحباط: يعني انعدام الثِّقة بالنَّفس.
الغرور يعني وهماً مبنيَّاً على منطقٍ فاسدٍ ونفسٍ غافلةٍ؛ بحيث يظنُّ هذا المغرور أنَّه قادرٌ على فعل أشياءَ كثيرةً هو ليس قادراً على فعلها؛ وبحيث يعطي نفسه حجماً هو أكبر بكثيرٍ من حجمه الطَّبيعي؛ وينظر إلى نفسه نظرةً لا يستحقها…
وأما المُحبط فإنَّه على النَّقيض تماماً… يرى أنَّه لا شيء، ويرى أنَّه دون ما هو عليه بدرجاتٍ ودرجاتٍ، ويرى أنَّه عاجزٌ عن فعل أيِّ شيء …
ما بين هذين النَّقيضين مسافاتٌ شاسعةٌ في الظَّاهر، ولكن في حقيقة الأمر بينهما شعرة، بل إنَّهما متطابقان موجودان في شخصٍ واحدٍ، ولكن يظهران في حالتين مختلفتين.
مَن هو مغرورٌ في حالٍ هو نفسه محبطٌ في حال آخر، الَّذي يعاني من الغرور (عندما يكون في حالة القوَّة) سيعاني من الإحباط ( عندما يصير في حالة الضَّعف )، فكلاهما انعدامٌ في التَّوازن وابتعادٌ عن المركز الَّذي هو دائماً متوازن.
المغرور – أيُّها الأحبَّة – هو ذاك الإنسان الَّذي يستمدُّ ثقته بنفسه من أسبابٍ ماديَّةٍ يملكها، فقد يغترُّ بماله، وقد يغترُّ بعلمه، وقد يغترُّ بذكائه، وقد يغترُّ بجماله، وقد يغترُّ بمنصبه، وقد يغترُّ بعشيرته، وقد يغترُّ بأتباعه، وقد يغترُّ بتقواه ودينه...!
كائناً ما كان سببُ الغرور فإنَّ النَّتيجة واحدة: انعدام التَّوازن بسبب الإفراط في الثِّقة بالنَّفس.
فإذا أفرط في ثقته بنفسه فسوف يبتعد عن نقطة التَّوازن بالضَّرورة، وسوف يعطي نفسه حجماً أكبر من حجمها الحقيقيِّ، وسوف يضخِّم صورةَ نفسه في عينه، وينظر إلى نفسه بزجاجةٍ محدَّبةِ الوجهين؛ فيرى أنَّه كبير، وهو أصغر ممَّا يرى نفسه، إنَّه يستمدُّ القوَّة – إذاً – ويستمدُّ الثِّقة بالنَّفس من أسباب؛ هذه الأسباب هي أعراضٌ يمكن أنْ تزول في أيَّة لحظة، وأوهامٌ يوشك أنْ يكتشف حقائقها في أيِّ زمن… بمجرَّد أن تتغيَّر الأحوال تفقد هذه الأوهام بريقها؛ فيكتشف أنه كان يعيش في الوهم.
ما الَّذي يحدث عندها؟ عندها لنْ ينظر إلى نفسه بزجاجةٍ مسطَّحة، ولنْ ينظر إلى نفسه بحقيقتها، ولكنْ سينظر إلى نفسه بزجاجةٍ مقعَّرة الوجهين؛ فسوف يرى نفسه أصغر بكثيرٍ ممَّا هو عليه.
عنده إمكاناتٌ معيَّنةٌ.. في حالة الغرور كان يتصوَّرها كبيرةً جدَّاً، أكبر ممَّا هي عليه، وفي حالة الإحباط صار يتصوَّرها وكأنَّها لا وجود لها، تلاشت في عينه لأنَّها لم تستطع الصُّمود، ولم تستطع أن تحافظ له على ثقته الزَّائدة بنفسه؛ لذلك فَقَدَ ثقته كلِّيَّاً بنفسه وفَقَدَ ثقته كلِّيَّاً بإمكاناته.
أيُّها الأحبَّة.. إنَّنا في الغالب نميل إلى طرف الغرور باختيارنا فيُفرض علينا الإحباط بدون اختيارنا؛ إنَّنا في الغالب نختار جانب الغرور للذَّته، لأنَّه جانبٌ يشبع حظوظ أنفسنا ويُشْعرنا بشيطانيَّةٍ وفِرعونيَّةٍ تتبنَّاها كلُّ نفسٍ أمَّارةٍ بالسُّوء.
نختار الغرور بأنفسنا؛ ولكنَّنا – إذْ نفعل ذلك – لا نحسِب خطَّ الرُّجوع، ولا نحسب حساباً لانقلاب الأحوال وتغيُّرها… فإذا بنا نُرغَمُ – في لحظةٍ من اللَّحظات عند تغيُّر حالٍ من الأحوال – إلى أن نصير محبطين، وأن نعجِزَ عن فعلِ شيءٍ ما، إذا بنا نصيرُ أدنى بكثيرٍ ممَّا ينبغي أن نكون عليه، مَثَلُ ذلك كَمَثَلِ النَّابض.. بقدر ما تضغطه إلى الأسفل أكثر يقفز إلى الأعلى أكثر؛ هناك سياراتٌ ( ألعاب أطفال ) تشتغل على النَّابض، تُرجِعها إلى الخلف كثيراً، فتتقدَّم إلى الأمام كثيراً.. بقدر ما تُرجِعها تتقدَّم.
هناك ألعابٌ تشتغل على الزُّنْبَرَك، بقدر ما تربط هذا الزُّنْبَرَك تشتغل هذه اللُّعبة مدَّةً أطول؛ وهكذا بقدر ما يكون غرورُك زائداً في حالة القوَّة سيصير إحباطُك زائداً في حالة الضَّعف.
نحن اخترنا طريق الغرور بأنفسنا ولكننا لم نحسب حساباً للفعل العكسي، لردِّ الفعل الَّذي سيحدث بالضَّرورة عند انتهاء أسباب الفعل.
لن تستطيعَ أن تضغط الزُّنبرك إلى لا نهاية، لا بدَّ أن تصل إلى نقطةٍ تتوقفُ فيها عن الضَّغط.. هناك سيعطي ردَّ فعل بالاتجاه العكسي؛ وكلَّما كانت ضغطتك أكبر وأقوى وأوصلته إلى مسافةٍ أبعد كانت ردَّةُ فعله أكبر.
وهكذا لن تستطيع أيها الإنسان أن تحافظ على غرورك مدى العمر لأنَّ القوَّة لنْ تبقى أسبابُها ملازمةً لك أبدَ الآبدين، فصاحب المال لا بدَّ من أن يخسر ماله يوماً ما، وصاحب الوجاهة لا بدَّ من أن يخسر وجاهته، وهكذا الدُّنيا يومٌ لك ويومٌ عليك.
بقدر ما تصرُّ على المُضِيِّ في طريق الغرور تكون ردَّةُ الفعل مأساويَّةً أكثر، ويصيرُ إحباطك وانهزامك النَّفسي قاتلاً أكثر.
وأمَّا إنْ شئت أنْ تحافظ على توازنك فابقَ في خطِّ النَّصف، حوِّم حول الحقَّ، حوِّم حول الحقيقة، وإنْ شئت التَّوازن المطلق فامكثْ عند الحقيقة ولا تتحرك يمنةً ولا يسرةً.
كيف يكون ذلك؟
عندما تتحلَّى بأسباب القوَّة لا تعلِّق قلبك بها، علِّق قلبك بالله حتَّى تحافظ على توازنك، فإذا فعلت هذا فإنَّك لنْ تتضَرَّر أبداً إذا زالت أسباب القوَّة، وإذا انقلب ظاهرك القويُّ ظاهراً ضعيفاً فإنَّك ستبقى في داخلك قويَّاً، وإذا صار ظاهرك الغنيُّ ظاهراً فقيراً فإنَّك ستبقى في نفسك غنيَّاً.
وأما إنْ كانت نفسك تستمدُّ غناها من غِنى الظَّاهر؛ فإنَّ الظَّاهر إذا افتقر فالنَّفس ستفتقر، وإن كانت نفسك تستمدُّ قوَّتها من قوَّة الظَّاهر؛ فإذا افتقر الظَّاهرُ وضعُف فإنَّ النَّفس ستضعُفُ وتنهزم.
إنسانٌ يعيش عِيشةَ الملوك، وهو لذلك مطمئنٌّ مغرورٌ مخدوعٌ بهذه الحياة.. إذا خسِر ماله ربما ينتحر، لن يستطيع تحمُّلَ الحياة الجديدة لأنَّه لم يحسب حساباً، ولم يتصوَّر أبداً أنَّه قد يفقد تلك الحياة، وقد يفقد أسباب القوَّة وأسباب العِزِّ الَّتي منها استمدَّ عزَّتَه ومنها استمدَّ ثقتهُ بنفسه، لقد كانت ثقتُه بالأسباب زائدةً على اللُّزوم، فلمَّا زالت هذه الأسباب أصابته صدمةٌ وردَّةُ فعلٍ قويَّةٍ، كما لو أنَّ إنساناً صاحب إنساناً متقلِّب الأهواء مِزاجيَّاً، ولكنه وثق به وأعطاه كلَّ حبِّه وأخلص له الوداد، ولم يعرف أنَّ هذا الصَّاحب ليس صديقاً صدوقاً، وأنَّه لا أمان له، وأنَّه خدَّاعٌ له غَدَرات، لا يعرف متى يغدرُ به، أعطاه كلَّ حبِّه وكلَّ وداده وأخلص له وصدق معه، ونسي أن فلاناً غدَّارٌ لا أمان له، فإذا ظهرت منه غدرةٌ من الغدرات يوماً ما، سوف يفقد ثقتَه بكلِّ الأصحاب وسوف يشعر بحسرةٍ ومرارةٍ لا وصفَ لهما، لأنه أعطى أكثرَ مما ينبغي لمن لا يستحق، لذلك تكون صدمته كبيرة.
وهكذا الَّذي يعلِّق قلبَه بالأسباب فيغترُّ بها؛ عندما يفقد هذه الأسباب سيُصاب بإحباطٍ شديد.
طَبْعُ الإنسان أنَّه عندما يكون في حالة السَّرَّاء يهربُ من التَّفكير بالضَّرَّاء، عندما يكون المالُ بيده لا يفكر أبداً بحالة الفقر وباحتمال الافتقار، نقول له: قد يُفقرك الله، يقول: ما هذا الفأل السَّيئ لا تكلِّموني بهذا، ولو كان عاقلاً لقال: نعم أنا أحسِب لهذا حساباً، وأتوَّقعه في أيِّة لحظة وأنا مستعدٌّ له، الله يعطي والله يأخذ، يعطي من يشاء ويمنع من يشاء، ولن أتأثرَ أبداً لو سلبني الله كلَّ هذه النِّعم.
يكون في حالةٍ من القوَّة، نقول له: ألا تخاف أن يضعِفك الله؟ يقول: كيف يضعفني وهذه الأسباب كلُّها متيسرةٌ لي؟‍! هذا عندما سيضعفه الله ستكون صدمته قويَّةً محبطة قد تؤدِّي به إلى الجنون، قد تؤدِّي به إلى الموت، وقد تؤدي به إلى الانتحار.
أمَّا لو كان متوازناً فإنَّه سيقول: بلى، أعلم وأتوَّقع، وهذه الأسباب الَّتي ترونها من حولي – أسباب القوَّة والعزِّ – لا أعلِّق قلبي بها ولا أستمدُّ ثقتي بنفسي منها، إنَّما أستمد ثقتي من الله سبحانه وتعالى، عليه أتوكَّل وعليه أعتمد وبه أثِق، وكلُّ هذا الَّذي حولي لا يملأ عيني ولا أعلِّق به قلبي، فلو سلبني الله إياه كلّه دُفعةً واحدةً لما تأثَّر لي شعورٌ ولما اهتزت لي عاطفة.
إنَّه يعلِّق قلبه بالحقائق ولا ينظر إلى الأوهام لهذا لا يهمُّه إنْ تغيرَّت الأوهام، فهذه الدُّنيا لا يدومُ لها حال.
( من سرَّهُ زَمَنٌ سَاءَتهُ أَزمانُ ).
ما بين غمضة عينٍ وانتباهتها * يغيِّر الله من حالٍ إلى حالِ.
لا تغِيبُ عنِ العاقل هذهِ الفكرة: من كان في حالة القوَّة مغروراً، صارَ في حالةِ الضَّعفِ مهزوزاً، ومن كانَ في حالةِ القوَّةِ مُتَواضعاً، بقي في حالة الضَّعفِ متوازناً.
التَّواضع في حال القوَّة يثمرُ التَّوازنَ في حال الضَّعف، والغُرُور في حالة القوَّة يثمر الاهتزاز والإحباط والانهِزَام في حالةِ الضَّعف.
أمَا شعرت يوماً ما بأنَّ حالةً سلبيةً مرَّت بك أدَّت إلى حالةٍ من الإحباطِ النَّفسي؟
أمَا شعرت يوماً ما أنَّ أزمةً معينةً، أنَّ مصيبةً مُعيَّنةً أحدقت بك فأفقدتك توازنك؟ أمَا شعرت بذلك؟
إن كنت شعرت بهذا الشُّعور فاعلم أنَّ مرَدَّهُ إلى الغرورِ السَّابق، الغرورُ السَّابق أدَّى إلى انهزامٍ وإحباطٍ لاحِقَين.
قد لا تكون شاعراً بالغرور في وقته، وقد تظُنُّ الغرورَ ثقةً بالنَّفس، وقد تظنُّ الغرور قوَّةً، ولكنَّ الغرور أقسى درجات الضَّعف… لماذا؟!
لأنَّه ضعفٌ مبطَّن ظاهره القوَّة، وهو في حقيقة الأمر هروبٌ من الحقيقة.
المغرور والمهزوز – أيُّها الأحبَّة – كلاهما يهرب من الحقيقة، ولكنْ كلٌّ بطريقته على حَسْب الإمكانات المتاحة؛ المغرور يهرب من حقيقة ضعفه، والمهزوز يهرب من حقيقة قوته.
الإنسان – أيُّها الأحبَّة – قويٌّ وضعيفٌ في الآن نفسه، أنت قويٌّ بما حباك الله من إمكانات، أنت قويٌّ بما أعطاك الله من عقلٍ، وبما أعطاك الله من قوَّةٍ جسميةٍ، وبما أعطاك الله من قدرةٍ على الابتكار.
ولكنَّك ضعيفٌ، ضعيفٌ لأنَّ الله قادرٌ على أن يسلبك كلَّ هذه الإمكانات في أيَّة لحظةٍ ودون سابق إنذار.
المتوازن هو الَّذي يضع هذين الأمرين كليهما في الحسبان في وقتٍ واحد، فإذا فكَّر فقط بجانب الإمكانات الَّتي يملكها فهذا هو الغرور، فإذا فقد هذه الإمكانات فسوف يتحول إلى الإحباط.
المغرور يهرب من حقيقة أنَّ الإمكانات الَّتي عنده يمكن استردادُها في أيَّة لحظة.
والمهزوز المُحبَط يهرب من حقيقة أنه يستطيع أن يفعل شيئاً ما، يستطيع أن يستثمر هذه الإمكانات الَّتي عنده.
طالبٌ متفوِّقٌ ذكيٌّ يحرز دائماً الدَّرجات الكاملة، أصابه غرور بذلك، وذهب يوماً ما إلى الامتحان، وقد توافرت له أسباب النَّجاح والتَّفوق، درس جيِّداً، نام جيِّداً، حفظ جيِّداً… بحيث إنَّه ضامنٌ المجموع الكامل والعلامة التَّامة في هذا الامتحان، ولكنْ لحكمةٍ يريدها الله نسي كلَّ ما حفظ ولم يتذكر كلمةً واحدةً، نظر إلى الأسئلة فرآها غريبةً عنه وكأنَّها لم تمرَّ عليه من قبل..! وكأنه لم يحفظها ويتقنها وكأنّه المؤلِّف..!!
شعر بإحباطٍ شديدٍ، هو لم يفكِّر سابقاً بالله، ولم يفكِّر بالغيب، ولم يحسب حساباً للقدر، كان ينسب نجاحاته إلى نفسه، والآن عندما يخفق لن يجد مِشْجَباً يعلِّق عليه هذا الإخفاق، فهو مضطرٌّ لأن يستقبل هذا الإخفاق بنفسه كما كان ينسب النَّجاح إلى نفسه، لهذا ستكون صدمةُ الإخفاق قوية وقد تكون ضربةً قاضيةً.
أمَّا لو كان في حالة النَّجاح ينسب النَّجاح إلى توفيق الله فإنَّه في حالة الفشل سينسبه إلى مشيئة الله ( بعد أن يكون أخَذَ بالأسباب وفعَلَ ما ينبغي ).
عندما نسب النَّجاح – وقت النَّجاح – إلى توفيق الله ابتعد عن الغرور، وعندما نسب الفشل – في حالة الفشل – إلى مشيئة الله ابتعد عن الإحباط، فبقي في حالة التَّوازن في الحالتين، وهو يقول:{ ما أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِن سَيِّئَةٍ فَمِن نَّفْسِكَ } .
أيُّها الأحبَّة.. كلُّنا يسعى إلى مصلحة نفسه، ولكنْ بعضنا يعرف مصلحة نفسه وبعضنا لا يعرفها، فها أنذا أدلكم على مصلحة أنفسكم..
• مصلحة نفسك تقتضي ألا تخدعها، وألا تهرب من الحقيقة الثَّابتة الَّتي هي دائماً في المركَز، ابق دائماً في المركز تبق دائماً متوازناً.
• ابق دائماً مع الحقيقة لئلا ترميك الأوهام يمنةً ويسرةً، لا تجنح إلى الجانب لأنَّك توشك أن تقع على يمين الطَّريق أو يساره، ابق في وسط الطَّريق تضمن أن تصل بسلام.
• لا تسمح لإمكاناتك الَّتي وهبك الله إياها أن تخدعك وتنسيَك فضلَ الله ومشيئةَ الله، لا تسمح لإمكاناتك أن تغُرَّك وتخدعك وتبعدك عن المركز ( عن مركَز التَّوازن ) لأنك إن ابتعدت عن مركز التَّوازن إلى أقصى اليمين ففي لحظةٍ غير متوقعة سوف تجنح إلى أقصى اليسار وستبقى دائماً في حالة عدم اطمئنان.
تعالوا نتساءل: لو أنَّ إنساناً جنح إلى أقصى اليمين بغرورٍ زائدٍ… فأصابته صدمةٌ أفقدته توازنه، فجَنَحَ إلى أقصى اليسار فأصابه الإحباط، على سبيل المثال: في جانب العلم، أو في جانب المنصب، أو في جانب المال…
كان صاحب معاملَ وصاحب رؤوسِ أموالٍ، وكان النَّاس يحسبون له كلَّ حساب وكان مغروراً بهذا المال… فأفقره الله فأصابه الإحباط، وربما ينتحر..
كان جميلاً معجباً كثيراً بجماله، فكان يمشي بين النَّاس ولا يرى غيرَ نفسه، ويظن أن النَّاس كلُّهم يتأملون جمالَه ويُعجبون به… فأصابه حادثٌ احترق فيه وجهه وشُوّه منظره الجميل فأصابه إحباط فصار حبيسَ البيت، لا يخرج ولا يقابل أحداً، مع أنَّ كثيرين شُوِّهت وجوهُهم ولم يمنعهم هذا من مقابلة النَّاس، لماذا ؟ لأنهم أيام الجمال لم يكونوا مغرورين بالجمال، فلما فقدوا الجمال لم يصبهم إحباطٌ لفقد الجمال، أما هو فقد كان مغروراً بجماله فلما فقد جماله أصابه إحباطٌ، وصار لا يستطيع أن يقابل أحداً من النَّاس.
كان عنده منصب يتبوَّؤُه فوق النَّاس… فلما عُزل من هذا المنصب حاول أن يهرب، يسافر إلى بلدٍ آخر، أن يهرب من الحقيقة الدَّامغة الَّتي أثبتت نفسها ألا وهي أنَّ: { لِلَّهِ الْأَمْرُ مِن قَبْلُ وَمِن بَعْدُ } .
كان يهرب من الحقيقة، والآن يهرب من الحقيقة، كان يهرب من حقيقة ضعفه بأنْ يغترَّ بأسباب قوته، والآن يهرب من حقيقة ضعفه بأنْ يهرب من مواجهة ضعفه، في الحالتين هو هارب، في أقصى اليمين وفي أقصى اليسار هو هارب.
التَّساؤل الَّذي أريد أن أسأله: هذا الَّذي انتقل من حالة القوَّة إلى حالة الضَّعف، وبالتَّالي من الغرور إلى الإحباط، لو أن أسباب القوَّة رجعت إليه… هل سيرجع إلى حالة انعدام التَّوازن، ويرجع إلى حالة الغرور؟ أمْ إنَّه سيأخذ درساً ويتوازن مرةً أخرى؟
هذا تساؤلٌ مهمٌ جداً، ولا بدَّ من أنْ نسأل أنفسنا هذا السُّؤال، ولكن بعد أن نستوعب الكلام كلَّه.
جواب هذا السُّؤال أيُّها الأحبَّة أنَّ الحالتين محتملتان: إذا أصابه ضعفٌ أفقده توازنه وأصابه بالإحباط، ففهم الدَّرس واستوعب الحقيقة، عندها إذا رجعت أسباب القوة إليه فلن يعود إلى غروره السَّابق، بل سيتوازن هذه المرة لأنه فهم.
وأمَّا إنْ أصابه الضَّعف، وبقي مدَّةً في حالة الضَّعف محبطاً مهزوزاً، ولم يتيسَّر له هذا الفهم العميق المتَبَصِّر الإيمانيَّ؛ فإنَّه بمجرَّد أن تعود أسباب القوَّة إليه سيعود إلى الاغترار بها، وسيبتعد إلى الطَّرف الآخر، سيجافي الحقيقة، وسيبقى دائماً ما بين يمين ويسار.
والعكس.. إذا كان في حالة القوَّة وفهم المسألة، وفهم ترتيب هذه الأمور؛ فأصابه ضعفٌ فلن يصيبه الإحباط، لأنَّه فهم الدَّرس.
أما إن كان في حال القوة وبقي مغروراً بها، ولم يفهم الدَّرس؛ فأصابه ضعفٌ فسوف يصاب بالإحباط.
فإذا لم تفهم الدَّرس إذاً يا أيها الإنسان..الخلاصة: ( إذا لم تفهم هذا الدَّرس، ولم تفهم هذه الحقيقة ) فسوف تبقى عمرك كلَّه تتذبذب ما بين إحباطٍ وغرور؛ كلَّما قويت اغتررت وكلَّما ضعفت أُحبطت… إلى أن تفهم هذا الدَّرس، عندها ستوقف الزُّنبرك، ستوقف النَّابض عن الاهتزاز، وستتوقف في المركز، ستتوقف عند نقطة التَّوازن الَّتي هي التَّواضع مع الثِّقة بالنَّفس، التَّواضع الَّذي يمنعك من الغرور والثِّقة بالنَّفس الَّتي تمنعك من الإحباط.
عندما تربط هذين الأمرين، عندما تلحم هذين الأمرين بلِحَامٍ إيمانيٍّ فسوف يشكلان عندك مرتَكَزاً يجعلك دائمَ التَّوازن، تقف في الوسط، عن يمينك الغرور وعن يسارك الإحباط، ولكن أنت من الغرور بعيدٌ ومن الإحباط بعيد، عندك بدلاً من الغرور ثقةٌ بنفسك وبالإمكانات الَّتي وهبك الله إياها، وعندك بدلاً من الإحباط تواضعٌ وتفويضٌ لأمر الله تعالى واستعدادٌ لكلِّ الاحتمالات، بحيث تنسب الفضلَ إلى الله وتتوقع القَدَرَ مهما كان من الله.
هذا الجانب الأيسر يمنعك من الإفراط باتجاه اليمين فيشكل كابحاً، وهذا الجانب الأيمن الَّذي عندك يمنعك من التَّطرف باتجاه اليسار، التَّواضع يمنعك من الغرور، والثِّقة بالنَّفس تمنعك من الإحباط، بهذا تكون متوازناً، وبدون هذا تبقى دائماً خائفاً مهموماً، في حالة القوَّة أنت مغرور وفي الوقت نفسه أنت خائفٌ من أن تفقد هذه القوَّة لئلا تعود إلى الإحباط، وفي حالة الضَّعف محبَطٌ لا ترى بصيصَ أمل ولا تشعر بأيَّة إمكانيَّةٍ تملكُها، تبقى حياتك كلُّها بائساً شقيَّاً.
إنْ كنت تشعر بالهمِّ يعتصر قلبَك في حالة الضَّعف فها أنذا قد أوضحت لك السَّبب، فعالج المشكلة بمعالجة أسبابها، عالج المشكلة الظَّاهرة بمعالجة أسبابها الباطنة، اصنع توازناً في نفسك بأنْ تتحلَّى بالعبوديَّة التَّامَّة لله، والعبوديَّة تقتضي تفويضاً وتواضعاً وتذللاً لله، ونُكْرَاناً للذَّات ونكراناً لكلِّ الإمكانات، دون أن يكون هذا توقفاً عن العمل وإحباطاً وانعدامَ ثقةٍ بالنَّفس، بل توازنٌ مركَّبٌ من التَّواضع والثِّقة معا.
بهذا يمكن أن تنتج وأنت مطمئن، وبهذا تستطيع أنْ تتأقلم مع كلِّ الظُّروف، فمهما كان ظرفك فأنت سعيدٌ متوازنٌ… لا تتأثر لا في حالة قوَّةٍ ولا في حالة ضعفٍ تفقد توازنك، لأنَّ توازنك داخليٍّ غير مرتبطٍ بما تملكه وما تعرفه وما عندك في الظَّاهر، توازنك داخليٍّ لأنَّك مرتبطٌ بالحقيقة ممسكٌ بها، ومن أمسك بالحقيقة لا يمكن أنْ يذهب يمنةً ولا يسرة لأنَّ الحقيقة ثابتة، وأمَّا أمسك بالوهم فيوشك الوهم أن يقذفه وأن يتقاذفه يمنةً ويسرةً ولا يدري أين يصل به في نهاية المطاف.
الخلاصة.. الَّذي يتمسَّك بالحقائق كالَّذي يكون في البحر فيتمَسَّكُ بشاطئ البحر.. ويتمسك بحبلٍ مرتبطٍ بالشَّاطئ، فقد أمن واطمأن مهما كانت الأمواج قاسية، ومهما كان عُبَابُ البحر زاخراً، فإنَّه مطمئن لأنَّه ممسكٌ بحبلٍ ثابتٍ متين مضمونٍ آمِنٍ.
وأمَّا الَّذي يتعلَّق بأوهام، فنفسيَّته تغترُّ بأوهام القوَّة أو تهتزُّ لأوهام الضَّعف، فإنَّه كالَّذي يمسك بخَشَبَةٍ في عُرْضِ البحر يريد أن ينجوَ بها من الغرق، لنْ تنقذَه الخشَبة لأنَّها تتحرك كلَّما تحرَّكت أمواج البحر، وهكذا حالتك النَّفسية ستتحرك كلَّما تحركت أحوالك، وانتقلت بك من شدَّةٍ إلى رَخَاء ومن سرَّاءَ إلى ضَرَّاء، عندها ستفقد توازنك في أيَّة لحظة، وإذا فقدت توازنك فالله وحده يعلم ما تكون النَّتائج، والله وحده يعلم في أية حالةٍ تصير { وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً } .
نسأل الله أن يُحَقِّقَنا بالتَّوازن في أفكارنا وفي نفسيَّاتنا وفي أعمالنا، نسأله تعالى أن يجعلنا معتدلين متوازنين، مطمئنين متَّزنين، وأن يبعدنا عن الإفراط والتَّفريط، وأن يرزقنا توازن النُّفوس، وأن يُزَكيَ نفوسَنا ويبعدها ويطهرها من كلِّ ما لا يرضيه عنا، إنَّه خير مسؤولٍ وأكرم مجيب، أقول هذا القول وأستغفر الله.
الحمد لله حمداً كثيراً كما أمر، وأشهد أنْ لا إله إلا الله وحده لا شريك له، إقراراً بوحدانيَّته وإرغاماً لمن جَحَدَ به وكفر، وأشهد أن سيَّدنا محمَّداً عبده ورسوله الشَّفيع المُشَفَّعُ في المحشر، ما اتصلت عينٌ بنظرٍ ووَعَت أُذُنٌ بخبر، أُوصيكم عباد الله ونفسي بتقوى الله، وأحثُّكم وإياي على طاعته، وأحذِّرُكم وَبال عصيانه ومخالفةِ أمره، واعلموا أنه لا يضُرُّ ولا ينفعُ ولا يصِلُ ولا يقطعُ ولا يعطي ولا يمنعُ ولا يخفضُ ولا يرفعُ ولا يفرِّقُ ولا يجمعُ إلا الله، واعلموا أن الله أمركم بأمرٍ بدأ به بنفسه وثنى بملائكة قدسه وعرشه، فقال تعالى: { إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ، يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا } اللَّهمَّ صلِّ على سيِّدنا محمَّدٍ وعلى آل سيِّدنا محمَّد، كما صليتَ على سيِّدنا إبراهيم وعلى آل سيِّدنا إبراهيم، وبارك على سيِّدنا محمَّد وعلى آل سيِّدنا محمَّد، كما باركت على سيِّدنا إبراهيم وعلى آل سيِّدنا إبراهيم في العالمين، إنَّك حميدٌ مجيدٌ.
اللَّهمَّ رُدَّنا إلى دينك ردَّاً جميلاً، اللَّهمَّ أرنا الحقَّ حقَّاً وارزقنا اتباعه وحبِّبْنا فيه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه وكرِّهنا فيه، اللَّهمَّ آتِ نفوسَنا تقواها، زكِّها أنت خير من زكَّاها أنت وليُّها ومولاها، اللَّهمَّ طهِّر قلوبنا من النِّفاق وأعمالنا من الرِّياء وألسنتَنا من الكذب وأعيُننا من الخيانة، اللَّهمَّ إنّا نسألك نفوساً بك مطمئنَّة تؤمنُ بلقائك وترضى بقضائك وتقنعُ بعطائك، اللَّهمَّ إنك عفوٌّ تحبُّ العفوَ فاعفُ عنَّا، اللَّهمَّ انصر الإسلام وأعِزَّ المسلمين، وأعلِ وانصُر يا مولانا كلمة الحقِّ والدِّين، اللَّهمَّ إنَّا نسألك العفوَ والعافية وحسن الختام، اللَّهمَّ انصُرْ هذا الدِّين واجعل نصرته على أيدينا، اللَّهمَّ اجعلنا أهلاً لنصرتك، اللَّهمَّ اجعلنا أهلاً لعزَّتك، اللَّهمَّ اجعلنا أهلاً لرحمتك يا ربَّ العالمين، اللَّهمَّ لا تعاملنا بما نحن أهلُه، وافعل بنا ما أنت أهله، فإنَّك أهل التَّقوى وأهل المغفرة، واغفر اللَّهمَّ للمسلمين والمسلمات، المؤمنين والمؤمنات، الأحياء منهم والأموات، إنَّك سميعٌ قريبٌ مجيبُ الدَّعوات، والحمدُ لله ربِّ العالمين.
عباد الله:
{ إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ * } ، أقم الصَّلاة.

الملفات الصوتية
الملف الأول
الملفات النصية
الملف الأول111 KB
أرسل هذه الصفحة إلى صديق
اسمك
بريدك الإلكتروني
بريد صديقك
رسالة مختصرة


المواضيع المختارة
مختارات

[حسن الظن بالله]

حسن الظن بالله يعني أن يعمل العبد عملاً صالحاً ثم يرجو قبوله من الله تعالى ، وأن يتوب العبد إلى الله تعالى من ذنب عمله ثم يرجو قبول الله تعالى لتوبته ، حسن الظن بالله هو ذاك الظن الجميل الذي يأتي بعد الفعل الجميل.
يقول النبي عليه الصلاة والسلام : {لا يموتن أحدكم إلا وهو يحسن الظن بالله تعالى.}
قال سبحانه في الحديث القدسي :{ أنا عند ظن عبدي بي وأنا معه إذا ذكرني } أنا عند ظن عبدي بي فإذا ظننت أنه يرحمك وأخذت بأسباب الرحمة فسوف يرحمك ، وأما إن يئست من رحمته وقصرت في طلب أسبابها فإنه لن يعطيك هذه الرحمة لأنك حكمت على نفسك والله تعالى سيحكم عليك بما حكمت أنت على نفسك .